أقسم الله عز وجل في كتابه العزيز بالدهر بمختلف أوقاته ليبين لنا أهمية الوقت في حياة
الإنسان،ومن ذلك قوله تعالى (والعصر إن الانسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر)العصر.كما أقسم بالفجر وبالضحى والليل ........كل هذا ليرشدنا سبحانه وتعالى إالى حسن استغلال الوقت والعمر بل
كل نفس من أنفاسنا فيما يعود علينا بالنفع في الدنيا والآخرة ،قال الرسول صلى الله عليه وسلم: إغتنم خمسا قبل خمس:حياتك قبل موتك،وصحتك قبل سقمك،وفراغك قبل شغلك
وشبابك قبل هرمك،وغناك قبل فقرك)أخرجه الإمام أحمدبسند صحيح
لنا في سلفنا الصالح خير قدوة في حسن استغلال الوقت وتدبيره،قال الحسن البصري
رحمه الله"مامن يوم ينشق فجره إلا وينادي منادي:ياابن آدم أنا خلق جديد وعلى عملك
"شهيد فتزود مني فإني إذا مضيت لاأعود إلى يوم القيامة"
ويروى عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال:"ما ندمت على شيء ندمي
على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي" وكان أحدهم يقول "
إذا مر علي يوم لم أزدد فيه تقى ولاهدى ولاعلما فما ذاك من أيامي .ومن العبارات
التي تدمي القلب عندنا قول بعض الناس-ماكاين ما يدار- يالله نقتلوا الوقت-وغيرها
من العبارات التي تبين عدم إدراكنا لأهمية الوقت .في حين نجد الشعوب المتحضرة
تحرص على أوقاتها كما يحرص أحدنا على ماله فتستثمرها فيما يعود عليها بالنفع
فالذين لا يستفدون من أوقاتهم فيما ينفعهم،يهدرونها فيما يضرهم لقول الإمام الشافعي
رضي الله عنه"نفسك إ ن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل"وصدق رسول الله
الذي قال: نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ"وبمفهوم المخالفة
كما يقول الأصوليون،أن الذين وفقوا لحسن اغتنام الوقت هم قلة،حينما كانوا
في صحة وعافية عبدوا الله حق العبادة وذكروه مع كل نفس من أنفاسهم وشكروه
على نعمائه فاغتنموا حياتهم قبل موتهم ،قال صلى الله عليه وسلم(ليس يتحسرأهل
الجنة على شيء إلا على ساعةمرت بهم لم يذكروا الله عز وجل) فكم من الناس
شغلته الدنيا ومتاعها الزائل وجمع منها ما جمع وبنى الدور والقصور ونسي القبور
،ففاجأه الموت ثم ترك كل شيء وراءه ورحل ووجد الله عنده فوفاه حسابه ولم يجد
ما يقابل به ربه ولم يقدم لنفسه عملا صالحا يلقاه به جلت قدرته فخسر الخسران
المبين.كل منا يطمح أن يعمل عملا صلحا ويتقرب من ربه لكن سرعان ما نتكاسل
ونتقاعس ويلهينا الأمل ونسوف -وسوف جند من جنود إبليس- ولاندري انعيش
إلى حين من الدهر.قال عبد الله بن عمر"إذا أصبحت فلا تنتظر المساء وإذا أمسيت
فلا تنتظر الصباح وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك"
أيها الإخوة الكرام أين نقضي أوقاتنا؟
في الملهيات والمسلسلات والسهرات والتفهات ،والقيل والقال في الغيبة والنميمة
والبحث عن عيوب الناس ونسينا قول الشاعر
لسانك لاتذكر به عيوب الناس * فإن للناس ألسنة ولك عيوب
وقضيناه في التجوال وارتياد الأسواق وفي النوم وطول السبات
ياصاحب الفراش كفى نوما * فإن بعد الموت نوما طويلا
كيف نستغل الوقت أحسن استغلال؟؟؟
1- استحضار مراقبة الله في كل لحظة وحين أكبر دافع يحفظ أوقاتنا من أن تذهب سى
2-الشعور بالمسؤوليةنحو الذات والمجتمع ،فمن تيقن أنه سيسأل عن عمره فيما افناه
وشبابه فيما أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وأين أنفقه أيقظ ليله وأظمأ نهاره وشمر
عن ساعديه ليتخطى الصعاب والأشواك
3- القراءة النافعة وأول ما يقرأ كتاب الله فوردك اليومي لاتتخلى عنه بأي حال
من الأحوال فهو عملتم الصعبة يوم القيامة،ففيه أجروفير لقوله صلى الله عليه وسلم(من قرأ القرآن فله بكل حرف حسنة ،والحسنة بعشر أمثالها ، لاأقول ألم حرف وإنما
ألف حرف ،ولام حرف،وميم حرف) والقرآن حياة للقلوب من لم يقرأ القرآن فهو
كالبيت الخرب.ناهيك أنه يأتي شفيعا لصاحبه يوم القيامةفيقول: يارب حرمته النوم
ثم قراءة الكتب النافعة التي تجدد حياتك وتنمي قدراتك ،وأول ما يجب
معرفته الأحكام الشرعية والتي لايستقيم إيمان المرء إلا بمعرفتها
والإطلاع عليها قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم(من يرد الله
به خيرا يفقهه في الدين)ومما يؤسف له أن كثيرا من المسلمين يجهلون
أبجديات الدين،كأحكام الصلاة والصيام والحلال والحرام وفرائض
الاغتسال والوضوء،وليس لأحد العذر في ذلك في عصر الإعلاميات
والفضائيات فالجاهل يسأل والمتعلم يقرأ
3-استغلال الوقت في الذكر فلينظر كل منا كم من الوقت يضيع من بين
أيديه حيث تجد أحدنا مستلق على فراشه لايفعل شيئا،أوفي سيارته
.أو الحافلة وهو صامت، لماذا لا نستغل هذه الأوقات في الذكر
والتسبيح !إنها الغفلة التي حذرنا منها الله عز وجل(ومن يعش عن ذكر
الرحمان نقيض له شيطانا فهو له قرين)/الزخرف36 فبالذكر يتمز الحي
عن الميت ،وفضل الذكر كثير وأدعية الصباح والمساء وثمار ذلك يرجع
إليه في مضانه كالوابل الصيب لابن القيم الجوزية رحمه الله
4- اختيار الصحبة الصالحة (والإنسان على دين خليله فلينظر أحدكم
من يخالل)ابحث عن الصحبة التي تذكرك بالله وتعينك على الخير
وصاحب حامل المسك،وابتعد عن نافخ الكير واحذر أن يحرق ثيابك
وحتى لاتندم يوم القيامة وتقول(ياويلتي ليتني لم أتخذ فلانا خليلا لقد أضلني
عن الذكر بعد إذ جاءني،وكان الشيطان للإنسان خذولا)الفرقان/28/29
5- الإكثار من أعمال الخير،كالنوافل والصدقات والتبرعات وصلة الرحم
وعيادة المرضى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.......قال الرسول
صلى الله عليه وسلم( لايحقرن أحدكم من المعرف شيئا ولوأن يلقى أخاه
بوجه طلق)
فوقتك هو حياتك وعملك الصالح تزود منه ما استطت ليوم (لا ينفع
فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم)الشعراء/89
تزود من التقوى فإنك لاتدري
إذا جن الليل هل تعيش إلى الصبح
فكم من سليم مات من غير علة
وكم من سقيم عاش حينا من الدهر
وكم من فتى يمسي ويصبح آمنا
وقد نسجت أكفانه وهو لايدري