ولد الانسان ليعيش لا كي يستعد للعيش
هكذا يقول بوليس باسترناك
اخي القاريء اختي القارئة:
هل تذكرون الثمانينات من هذا القرن؟ هل فكرت للحظة واحدة اين كنت أنذاك؟ كيف كنت؟ من كان اصدقاؤك؟ ماذا كانت احلامك وآمالك حينذاك؟ولو سألك احد اين ستكون بعد عشر او خمس عشرة عاما؟ فبماذا كنت تجيبه؟ هل تقيم الآن في المكان الذي كنت تريد ان تقيم فيه؟
حينها لابد ان نقف قليلا مع انفسنا ونسأل انفسنا ( كيف سأعيش السنوات القادمة من حياتي؟ كيف سأعيش يومي هذا لكي اصل الى الغد الذي التزمت بتحقيقه ؟ مالذي سأدافع عنه منذ الآن ؟ وما هي الأمور المهمة بالنسبة لي على المدى الطويل؟ ما هي الأفعال التي يجب علي القيام بها اليوم والتي من شأنها ان تشكل مصيري النهائي؟
لا شك بأنك ستكون في موقع ما بعد عشر سنوات بإذن الله ولكن السؤال هو اين ؟ ماذا ستكون قد اصبحت؟ كيف ستعيش حينذاك؟ مالذي ستساهم به بعدئذ ؟
الآن وفي هذا الدرس سوف نتعلم كيف نصمم السنوات العشر القادمة من حياتنا علينا ان نقتنص اللحظة المواتية ، فنحن على اعتاب عقد جديد ، وقرن جديد بل والفية جديدة
كل شيء في حياتك سواء يجلب لك السعادة أو يتحداك فإبدأ بقرار ... واللحظات التي تتخذ فيها قراراتك هي التي تشكل حياتك ، وهي التي تشكل شعورك لليوم ، وماذا ستصبح عليه في الغد .
انك اذا اتخذت قرارك الان بتحسين الغد ومصير .. فسيتحسن كما تريد ان اشاء الله ... وان لم تفعل ... فقد اتخذت قرار بان تكون رهينة الظروف وبان يوجهك محيطك بدلا من ان تتولى أنت تشكيل مصيرك ... اليس كذلك ..؟
هل هناك فرق بين ان تكون مهتماً بان يكون لديك ثروة من المال ... أم تكون ملتزما بالوصول اليه ... الكثير مهتم وليس ملتزم . عليك ان تقرر بالاضافة إلى النتائج التي تلتزم بها ، عليك ان تحدد مقاييسك وتسعى لها مهما واجهك ، اتخذ قرار والتزم به .
الكثير لا يدرك معنى قرار ... بل البعض يعتقد انه امنية ... والبعض ياخذه ببساطة ... بينما القرار هو قطع دابر أي احتمال اخر ... وعملية اتخاذ قرار ... شانها شأن أي مهارة اخرى تركز جهودك على تحسينها فتصبح افضل فافضل بالتكرار ... وكلما اتخذت قرارات اكثر كلما شعرت انك تسيطر على حياتك وهناك
القرارات الثلاثة التي تسيطر على مصيرك الا وهي:
1. قراراتك حول ما ستركز عليه .
2. قراراتك حول معنى الأشياء بالنسبة لك .
3. قراراتك حول ما الذي ستفعله لتحقق النتائج التي تتوخاها .
الكثير من الناس انهم يتخذون تلك القرارات بطريقة لا واعية .. لذا فانهم يشعرون بانهم فقدوا السيطرة
وهناك نظام داخليا لاتخاذ القرارات يتكون من
1. صُلب معتقداتك والقواعد الغير واعية لديك
2. قيم الحياة
3. مرجعيتك .
4. الأسئلة التي توجهها لنفسك عادةً .
5. الحالات العاطفية التي تخضع لها كل لحظة .
العلاقة التعاونية بين هذه العناصر الخمسة تؤدي إلى بذل جهد يعتبر هو المسؤول عن دفعك أو ايقافك عن القيام بالعمل ، ويسبب لك القلق في المستقبل ، ويشعرك بانك محبوب أو مرفوض كما يقرر مستوى نجاحك أو سعادتك ، انه هو ما يقرر لماذا تقدم على فعل ما تفعل ولماذا لا تفعل . وبتغيير اياً من هذه العناصر الخمسة فانك ستحصل على تغيير محسوساً في حياتك . والشيء السار هو ان بامكاننا ان نتجاوز هذا النظام باتخاذ قرارات عن وعي في أي لحظة .
هناك عائق اخير يحول دون استخدامنا قدرتنا على اتخاذ القرار ، وهو التغلب على مخاوفنا من اتخاذا القرار الخاطيء " تذكر ان النجاح هو في الحقيقة نتيجة الحلكم السليم ، والحكم السليم هو نتيجة التجربة ، والتجربة كثيرا ما تكون ناتجة عن الحكم الخاطئ "
تستطيع ان تحقق كل ماتريد إن :
1. قررت بوضوح ما أنت ملتزم بتحقيقه دون ادنى شك .
2. كنت راغباً في القيام بعمل جدي .
3. تحرّيت ما هو قابل وما هو غير قابل للتحقيق .
4. تابعت تغيير وجهتك إلى ان تتمكن من تحقيق ما تريد مستخدما ما تقدمه لك الحياة على الطريق لتحقيق ذلك .
يقول بنجامين دزرائيلي
ليس الانسان هو مخلوق الظروف بل الظروف هي من صنع البشر)
وانا اعتقد ان قرارتنا وليست ظروف حياتنا هي ما يقرر مصيرنا اكثر من اي شخص احر إذن لا بد ان نتخذ قرارا.
إن هذا ليس مجرد كلام بل هو ايقاظ للقوة العملاقة لاتخاذ القرار ولكي تطالب بحقك الطبيعي - الذي وهبك اياه الله سبحانه وتعالى منذ الولادة- من القوة اللامحدودة والحيوية المشعة ، والعاطفة الممتعة التي تستحقها
يقول هنري ديفيد
لست اعرف حقيقة مشجعة اكثر من قدرة الإنسان التي لا جدال فيها على رفع مستوى حياته بسعيه الواعي لذلك)
وسوف اضرب لكم مثالا رائعا عن عن شخص استطاع ان يتخذ قرار في حياته وقد وصل به هذا القرار الى انشاء شركة عالمية وهي ما تعرف حاليا بشركة هوندا واليكم القصة:
بعد الحرب عانت اليابان من ندرة مريعة في مؤونات البنزين بحيث ان هوندا لم يعد قادرا على قيادة سيارته لجلب الطعام لعائلته، وفي النهاية ، وبدافع اليأس ركب محركاً صغيراً لدراجته ، وسرعان ما اخذ جيرانه يطلبون منه ان يصنع لهم دراجات تسير بقوة محرك ، وأخذوا يتدافعون للحصول عليها بحيث لم يعد يملك اية محركات ، ولذا قرر ان يبني مصنعاً لصنع المحركات لاختراعه الجديد ، غير انه لم يكن يملك رأس المال اللازم لذلك مع الأسف .
ولكن صمم هذه المرة على ان يجد طريقة ما مهما كانت التحديات وكانت خطته ان يناشد أصحاب محلات الدراجات في اليابان وعددهم 18000 أن يهبوا لمساعدته . وأخذ يكتب خطابات لهم ، ليبلغهم بأنه يسعى للعب دور في اعادة إحياء اليابان من خلال قوة الحركة التي يمكن لاختراعه ان يوفرها ، واستطاع اقناع 5000 من هؤلاء البائعين بأن يقدموا له رأس المال اللازم له . غير ان دراجته النارية لم تباع الا للأشخاص المغرمين جدا بالدراجات ، حيث انها كانت شديدة الضخامة, ولذا اجرى تعديلا جديدا لصنع دراجات اخف واصغر من دراجته وسماها الليث الممتاز super cup.
وسرعان ما حققت الدراجة نجاحا باهرا بحيث فاز بجائزة امبراطور اليابان وبعد ذلك بدأ بصنع سيارته في السبعينات من القرن العشرين ، وحظيت هذه السيارات برواج واسع النطاق.
وتستخدم شركة هوندا الآن ما يزيد عن 100000 عامل في كل من الولايات المتحدة واليابان ، وتعتبر احدى اهم امبراطوريات صنع السيارات في اليابان بحيث لا يفوقها في كمية المبيعات في الولايات المتحدة الا شركة تويوتا.
هناك قناعة واحدة يمكننا التوصل اليها وهو انه حين تتأخر هبات الله سبحانه وتعالى فإن هذا لا يعني أن الله يمنعها عنها إذا ان ما يبدو مستحيلا على المدى القصير سوف يصبح ممكنا على المدى الطويل وإن ثابرنا سوف ننجح.