][¤][ أبو العاص بن الربيع صهر رسول الله ][¤][
هو أبو العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن
عبد مناف القرشي ، صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
والده الربيع بن عبـد العزى أحد سادات قريش، وأمه هالة
بنت خويلد أخت أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد الأسدية
رضي الله عنها، وكنيته أبو علي وأبو أمامة، ولد في مكة
المكرمة في الجاهلية .
][¤][ صفاته ][¤][
عرف أبوالعاص رضي الله عنه بالخصال الكريمة والأفعال النبيلة ،
وكان من رجال مكة المعدودين مالا وأمانة وتجارة ، وكانت قوافله
التجارية تتكون أحيانا من أكثر من مائة بعير وما يلزمها من
المرافقين والأعوان .
][¤][ زواجه من زينب ][¤][
كانت صلته بخالته السيدة خديجة رضي الله عنها ثم برسول الله
صلى الله عليه وسلم قوية ومتينة ، وقد أهلته هذه الصلة مع ما له
من صفات خلقية وخُلقية ، لمصاهرة محمد بن عبد الله الهاشمي
صلى الله عليه وسلم وفي إحدى الأيام فاتحت هالة أختها رضي
الله عنهما بنوايا ابنها الذي أختار زينب لتكون شريكة حياته
وزوجة له ، وعندما ذهب أبو العاص رضي الله عنه إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم ليخطب ابنته ، قال عنه الرسول صلى
الله عليه وسلم : " إنه نعم الصهر الكفء "
و تزوج زينب رضي الله عنها وعاشت معه حياة سعيدة وكانت
نعم الزوجة الصالحة الكريمة لأبي العاص رضي الله عنه، وكان
هو خير الزوج الفاضل الذي أحاطها بالحب والأمان .
ولما بُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، رأت قريش أن ترد
بناته عليه وذلك بتطليقهن من أزواجهن، فاستجاب ابنا أبي
لهب ، وأَبى أبو العاص وقال:
( لا والله إني لا أفارق صاحبتي وما أحب أني لي بها نساء
الدنيا جميعا )
وظل أبو الربيع في مكة على شركه حتى هاجر رسول الله صلى
الله عليه وسلم إلى المدينة .
][¤][ الأسر يوم بدر ][¤][
وقعت معركة بدر في السنة الثانية للهجرة ، فاشترك فيها مع
قريش مُكرها ، وأسره المسلمون ، فبعثت زوجه السيدة زينب
رضي الله عنها في فدائه بمال وقلادة من جزع كانت أهدتها إياها
أمها السيدة خديجة رضي الله عنها يوم زفافها ، فلما رآها الرسول
صلى الله عليه وسلم ، رق لابنته رقة شديدة وقال لأصحابه :
" إن زينب بعثت بهذا المال لافتداء أبي العاص، فإن رأيتم أن تطلقوا
لها أسيرها وتردوا لها مالها فافعلوا "
ففعلو ذلك ، فاشترط الرسول صلى الله عليه وسلم على أبي العاص
رضي الله عنه قبل إطلاق سراحه ، أن يبعث له زينب رضي الله عنها
من غير إبطاء ، فما كاد أبو الربيع رضي الله عنه يصل مكة حتى بادر
بوفاء عهده وأرسل زينب رضي الله عنها إلى والدها في المدينة ،
فمدحه الرسول صلى الله عليه وسلم بعد ذلك بقوله :
" حدثني فصدقني ووعدني فوفى لي " .
][¤][ إسلامه ][¤][
وأقام أبو العاص رضي الله عنه في مكة بعد فراقه زوجه وفي
أواخر السنة السادسة الهجرية خرج إلى الشام في تجارة له
ولقريش ، وأثناء عودته مر قريبا من المدينة وكان معه نحو مائة
بعير ومائة وسبعين رجلا ، فبرزت له سرية من سرايا الرسول
صلى الله عليه وسلم ، فأخذت العير وأسرت الرجال لكن أبا العاص
رضي الله عنه أفلت منهم ، وهرب نحو المدينة ودخلها في الظلام ،
قاصدا بيت زوجته السيدة زينب رضي الله عنها فأجارته في طلب
ذلك المال ، ولما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصبح
فكبر وكبرالناس معه ، صرخت زينب رضي الله عنها من صفة النساء :
( أيها الناس إني قد أجرت أبا العاص بن الربيع )
فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة أقبل على
الناس فقال : " أيها الناس هل سمعتم ما سمعت؟ "
قالوا : نعم
قال : " أما والذي نفس محمد بيده ما علمت بشيء كان حتى سمعت
منه ما سمعتم أنه يجير على المسلمين أدناهم "
ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل على ابنته فقال :
" أي بنية أكرمي مثواه ، ولا يخلص إليك فإنك لا تحلين له ما دام
مشركا "
و اجتمع رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه بأبي العاص
رضي الله عنه ، فاستشار صحابته أن يردوا على أبي العاص رضي
الله عنه أمواله التي أخذوها من القافلة وقال لهم :
" إن هذا الرجل منا حيث قد علمتم ، وقد أصبتم له مالا ، فإن تحسنوا
وتردوا عليه الذي له فأنا أحب ذلك ، وإن أبيتم فهو فئ الله الذي
أفاء عليكم فأنتم أحق به "
اتفق الصحابة جميعا على إعادة المال لأبي العاص كاملا دون
نقصان .
و رجع أبو العاص رضي الله عنه بالمال إلى مكة وأعطى كل
واحد من قريش نصيبه من المال ثم قال :
( أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمد عبده ورسوله ، والله ما
منعني من الإسلام إلا أن تظنوا أني إنما أردت أن آكل أموالكم
فلما أداها الله إليكم فرغت منهم وأسلمت )
][¤][ عودة السيدة زينب إليه ][¤][
جمع أبو العاص رضي الله عنه أغراضه وعاد إلى يثرب قاصدا
مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم فإذا بالرسول صلى الله عليه
وسلم وأصحابه يفرحون بعودته ، ليكمل فرحتهم تلك بالإسلام.
وبعد إسلام أبي العاص رضي الله عنه أعاد الرسول زينب رضي
الله عنها إليه بنكاحه الأول وقيل أنه أعيد إليها بنكاح جديد
وعاشا من جديد معا والإسلام يجمعهما ، وقد أنجبت له زينب
رضي الله عنها ابنيه علي الذي توفي صبيا وكان رسول الله
صلى الله عليه وسلم قد أردفه وراءه يوم الفتح وأمامة ، وكان
الرسول صلى الله عليه وسلم يحب أمامة ويلاعبها ، ويصلي صلاته
وهو حاملها وقد تزوجها فيما بعد الإمام علي بن أبي طالب رضي
الله عنه بعد وفاة زوجته السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها.
][¤][ وفاته ][¤][
أقام أبو العاص في المدينة حتى وافته المنية بعد 4 سنوات
من وفاة السيدة زينب رضي الله عنهما ، في السنة الثانية عشرة
للهجرة في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، ودفن في
البقيع رحمه الله ورضي عنه.