إذا كنت أما لمراهقة تتابع تطورات الموضة أو ما يجري في الساحة الفنية حاليا، فقد تكونين واحدة من آلاف الأمهات اللواتي يعانين من طريقة اختيار بناتهن لأزيائهن.
فهي تثير حفيظتك لأنها تحاول أن تتشبه ببريتني سبيرز أو شاكيرا أو بوش سبايس أو نانسي عجرم وغيرهن، بينما أنت تشعرين بالحرج أمام صديقاتك ولا تتوقفين عن انتقادها أو حثها على تغيير أسلوبها من دون جدوى. فأنت حسب رأيها، من جيل آخر له ثقافة خاصة به ولا تفهمينها. ورغم أن هذا الاتهام من الكليشيهات المعروفة لدى أية أم، إلا أنها محقة في شيء واحد وهو أنك لا تحاولين التقرب منها وفهم جيلها حتى تتمكني من إقناعها بلغتها. تعرفي على صديقاتها وميولهن، وعندما تتحدثين معها عن الموضة اعطيها الانطباع بأنك ملمة بالموضوع ولا تتكلمين مجرد نظريات.
الملابس، بالنسبة للعديد من المراهقات مسألة حياة أو موت، لأنها وسيلتهن في الانتماء، وآخر ما يريدنه هو أن تسخر منهن قريناتهن أو أن لا ينتمين إلى «الشلة»، لذلك تعاملي مع الأمر بحساسية وساعديها على تجاوز هذه المرحلة بنجاح ومن دون أن تضطر أن تكذب عليك أو تخدعك بأن تغادر المنزل في ملابس مفروضة عليها، تغيرها قبل أن تصل إلى المدرسة. تذكري أنك أنت أيضا كنت في يوم ما مراهقة مثلها، تقلد تسريحة شعر مادونا، أو تحلم باقتناء بنطلون ممزق عند الركبة ظهرت به على خشبة المسرح، وأنت أيضا كنت تشكين من أن أمك لا تفهمك. فالأزياء، بالنسبة لكل جيل، عبارة عن أحلام منسوجة بخيوط، وابنتك لا تختلف عن أية فتاة أو امرأة في العالم، لذلك تفهمي ما يعتمل بداخلها من مشاعر وتعاملي معها بحنكة:
ـ الفتاة في سن المراهقة تشعر بالظلم لأبسط الأمور، حتى لو اقتصر الأمر على منعك لها من ارتداء بنطلون ضيق أو وضع أحمر شفاه فاقع، لأنها لا تدرك قوة إيحاءات المظهر الخارجي وما قد يعكسه لدى الآخرين من أفكار خاطئة. فهميها أنك تريدين حمايتها وليس مجرد فرض رأيك عليها، واشرحي لها أن النجمات اللواتي تريد أن تتشبه بهن يصحبهن حراس شخصيون في كل مكان، بينما هي لا تتوفر على أية حماية تذكر. علِميها أيضا أن تحقق التوازن بين الموضة الشابة والموضة المتزنة، وأن هناك خيطا رفيعا بين الأناقة الشابة وبين الابتذال. مثلا عوض أحمر شفاه فاقع، اسمحي لها باستعمال ملمع شفاه فقط، وعوض بنطلون جينز ضيق بقصة منخفضة عند الخصر، أن ترتدي تنورة بوهيمية طويلة أو تنورة رياضية قصيرة، وعوض الوشم اسمحي لها بنقوشات من الحنة.
ـ لكل فتاة مقاييس جسدية خاصة بها، لكن رغم ذلك تعمد العديدات من المراهقات إلى تجاهل هذه الحقيقة، فهن إما يملن إلى الملابس الفضفاضة جدا أو الضيقة جدا. وهنا يأتي دورك لكي تعلميها كيف تبرز مكامن الجمال لديها، وإخفاء عيوبها، بأن تشرحي لها أن القصة المناسبة أهم بكثير من أي صرعة موضة، وأن مظهرها يعتمد على اختيارها الموفق والذكي، على أن لا تشعريها بالخجل من شكلها. إذا كانت غير واثقة من صدرها، مثلا، شجعيها على اختيار قميص مناسب لسنها، أو تنورة مستقيمة عوض بنطلون جينز إن كانت تميل إلى السمنة في الجزء الأسفل من جسمها وهكذا شريطة أن تكون هذه الأزياء موجهة لمن هن في سنها. ـ الذوق الرفيع يعتمد على بناء أسلوب خاص، وهو الأمر الذي يبدأ منذ الصغر، لذلك لا تبخلي عليها بتجربتك، على أن تكلميها كصديقة لا كطفلة. علِميها أن لا تكون مقلدة، بل أن تتبنى أسلوبا خاصا بها يعكس شخصيتها ويمنحها الراحة. أسأليها إن كانت حقا تميل إلى بنطلون الجينز الضيق أو أنها فقط تحاول أن تكون مثل غيرها من الفتيات حتى يتقبلونها كفرد من الشلة.
ـ علميها كيف تتصرف بمسؤولية في حدود الميزانية المخصصة لها. حددي معها، مثلا، اربع قطع اساسية تريد اقتناءها، واعطيها فرصة البحث عن أفضل الاسعار في الانترنت والمحلات قبل أيام من توجهكما للسوق. بهذه الطريقة لن تعلميها فقط كيفية التسوق بهدوء وحكمة، بل أيضا ستروضين جنوحها للشراء المتسرع والمتحمس، إضافة إلى أنك لن تضطري لقضاء ساعات طويلة في البحث عن هذه القطع في المحلات. ـ انتبهي إلى أسلوبك في التسوق أمامها، فهي تلتقط بحسِها الكثير من سلوكياتك، السلبية والإيجابية. كما لا تستعملي بطاقات الائتمان كوسيلة للتعبير عن حبك لها أو فترة التسوق لكسب ودها، بحيث لا ترفضين لها طلبا حتى إن كان غير معقول، أو تشجعيها على اقتناء ملابس تحلمين أنت بارتدائها. ـ امنحيها حرية اختيار ما يناسبها، ولا تفرضي عليها رأيك، خاصة إذا كانت علاقتكما متوترة، لأنها لن تأخذ برأيك، حتى إن كانت تعرف، في قرارة نفسها، أنك محقة. احترمي ذوقها، واكتفي بتوجيهها إلى ما يناسبها وكيف تتسوق بمسؤولية في المستقبل، فقد تكوني أنت الممولة لنزواتها الشرائية، لكن هذا لا يعطيك الحق أن تكوني الوصية على ذوقها، وتذكري أن من أخطائنا الشخصية نتعلم وننمي شخصيتنا!