** وقوع الذنب على القلب كوقوع الدهن على الثوب، إن لم تعجل غسله وإلا انبسط " وإنْ منكُمْ لَمَن لَيُبْطِئَنَّ " .
** ما حظي الدينار بنقش اسم الملك، حتى صبرت سبيكته على التردد على النار، فنفت عنها كل كدر، ثم صبرت على تقطيعها دنانير ثم صبرت على ضربها على السكة، فحينئذٍ ظهر عليها رقم النقش "كتب في قلوبهم الإيمان".
** يا هذا! دبر دينك كما دبرت دنياك، لو علق بثوبك مسمار رجعت إلى وراء لتخلصه ، هذا مسمار الإضرار قد تشبث بقلبك، فلو عدت إلى الندم خطوتين تخلصت .
** إذا صب في القنديل ماء ثم صب عليه زيت صعد الزيت فوق الماء، فيقول الماء: أنا ربّيت شجرتك فأين الأدب? لم ترتفع علي? فيقول الزيت: أنت في رضراض الأنهار تجري على طريق السلامة، وأنا صبرت على العصر وطحن الرحا , وبالصبر يرتفع القدر، فيقول الماء: ألا أني أنا الأصل، فيقول الزيت : استر عيبك فإنك لو قارنت المصباح انطفأ.
** خلق قلبك صافياً في الأصل، وإنما كدرته الخطايا، وفي الخلوة يركد الكدر، تلمح سبب هذا التكدير، فما يخفى الحال على متلمح، كنت مقيماً في دار الإنابة نظيفاً، فسافرت فعلاك وسخ، أفلا تحن إلى النظافة? .
** كان بعض الأغنياء كثير الشكر، فطال عليه الأمد فبطر وعصى فما زالت نعمته ولا تغيرت حالته، فقال: يا رب تبدلت طاعتي، وما تغيرت نعمتي، فهتف به هاتف: يا هذا لأيام الوصال عندنا حرمة حفظناها وضيعتها.
** يا أطيار القلوب إلى كم في مزبلة الحبس? اكسري بالعزم قفص الحصر، واخرجي إلى فضاء صحراء القدس، روحي خماصاً من الهوى، تعودي بطاناً من الهدى .
** من أراد من العمال أن يعرف قدره عند السلطان فلينظر ماذا يوليه .
** أرواح الأسحار أقوات الأرواح
** كلما شرف المطلوب طالت طريقه، الهرة تحمل خمسين يوماً، والخنزيرة أربعة أشهر، والخف والحافر سنة، فأما الفيل فسبع سنين، عموم الشجر يحمل في عامه، والصنوبر بعد ثلاثين سنة، شرف النمل يوجب القلة، الشاة تلد واحداً أو اثنين، والخنزيرة تلد عشرين، وأم الصقر مقلات نزور، يا هذا ينبغي أن تكون همتك على قدرك , ولك قدر عظيم لو عرفته.
** إنه لا عجب من ترك الشكر إنفاق النعم في مخالفة المنعم، هذا عود العنب يكون يابساً طول السنة فإذا جاء الربيع دب فيه الماء فاخضر وخرج الحصرم، فإذا اعتصر الناس منه ما يحتاجون إليه طول السنة قلب في ليلة خلاً، فبانقلابه يوجب للعقل الدهش من صنع صانعه وقدرة خالقه , فينبغي أن يفرغ العقل للتفكر فيأخذ الجاهل العنب فيجعله خمراً، فيغطي به العقل، الذي ينبغي أن يحسر عن رأسه قناع الغفلة "ومن يُضللِ اللهُ فما له مِن هاد" ويحك، قد أطعمتك إياه حصرماً وعنباً وزبيباً وخلاً، فدع الخامس لي، فقد سمعت في كلامي "فإنَّ للهِ خُمُسَهُ".
** واعجباً لك، تعد التسبيحة بسبحة، فهلا جعلت لعد المعاصي أخرى، يا من يختار الظلام على الضوء، الذباب أعلى همة منك، متى أظلم البيت خرج الذباب إلى الضوء، أما ترى الطفل في القماط? يناغي المصباح، ويحك، خذ بتلابيب نفسك، قبل أن يجذبها ملك الموت، وقل أيتها النفس الحمقاء، إن كان محمد صادقاً فالمسجد وإلا فالدير.
** إنها إذا صفت حلالاً، كدرت الدين، فكيف إذا أخذت من حرام?، إن لحم الذبيحة ثقيل على الأمعاء ، فكيف إذا كان ميتة?
** يا هذا: بدل اهتمامك بك واسرق منك لك فالعمر قليل تظلم إلى ربك منك واستنصر خالقك عليك , يأمرك بالجد وأنت على الضدّ. تفر إلى الزحف ولكن لا إلى فئة, تطلب نيل العلى وما ارتقيت درج المجاهدة أتروم الحصاد , ولم تبذر لولا إيثار " يوسف " ( السِجنُ أَحبُ إِليّ ) ماخرج إلى راحة ( وَكَذلِكَ مَكَنَّا ) رُب خفض تحت السرى , وغنى من عنا , ونضرة من شحوب .
** القلب جوهر في معدن البدن، فاكشف عنه بمعول المجاهدة ولا تطينه بتراب الغفلة، رميت صخرة الهوى على ينبوع الفطنة، فاحتبس الماء ، انقب تحتها إن لم تطق رفعها لعل الجرف ينهار.
** بعت قيام الليل بفضل لقمة، شربت كأس النعاس ففاتك الرفقة، ضرب على أذنك لا في مرافقة أهل الكهف، تناولت خمر الرقاد، فوقع بك صاحب الشرطة فعمل في حقك بمقتضى قم وانم، فجعل حدك الحبس عن لحاق المتهجدين، والله لو بعت لحظة من خلوة بنا بعمر نوح في ملك قارون لغبنت لا بل بما في الجنان كلها ما ربحت ومن ذاق عرف.
** يا واقفاً في صلاته بجسده والقلب غايب، ما يصلح ما بذلته من التعبد مهراً للجنة فكيف ثمناً للجنة، رأت فأرة جملاً فأعجبها فجرت خطامه فتبعها فلما وصل إلى باب بيتها وقف ونادى بلسان الحال: إما أن تتخذي داراً يليق بمحبوبك أو محبوباً يليق بدارك، خذ من هذه إشارة إما أن تصلي صلاة تليق بمعبودك أو تتخذ معبوداً يليق بصلاتك.