حواري رسول الله
الزبير بن العوام رضي الله عنه
أسلم الزبير وهو ابن خمس عشرة سنة ومع ذلك كان قوي الإيمان راسخ اليقين
فقد عُذب في الله رغم حسبه ونسبه وشرفه..
وكان عمه يلفه في حصير ثم يوقد عليه النار ويدخن عليه حتى يوشك أن يختنق
ويقول له:
اكفر برب محمد
فيقول:
لا والله لا أعود للكفر أبداً
وقد هاجر الهجرتين إلى الحبشة ثم هاجر إلى المدينة..
وهو أول من شهر سيفاً في سبيل الله
وكان ذلك بمكة قبل أن يؤمر المسلمون بالقتال
حيث سرت إشاعة بأن الكفار أخذوا النبي "صلى الله عليه وسلم"
فحمل سيفه وخرج يصول ويجول بمكة
يريد أن يقتل أسيادها وصناديدها من قريش
فلقيه النبي "صلى الله عليه وسلم" بأعلى مكة..
فقال له:
مالك يا زبير...
فقال:
أُخبرت بأنك أُخذت
فصلى عليه النبي "صلى الله عليه وسلم" ودعا له ولسيفه...
والزبير بن العوام هو ابن أخ أم المؤمنين خديجة بنت خويلد "رضي الله عنها"
وابن صفية عمة رسول الله "صلى الله عليه وسلم"
وزوج أسماء بنت أبي بكر الصديق
وهو من الخمسة الأوائل في الإسلام
وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة
وواحد من الستة أهل الشورى الذين أوصى لهم عمر بن الخطاب بالخلافة
قائلاً عنهم:
لقد مات رسول الله "صلى الله عليه وسلم" وهو عنهم راضٍ
وقد شهد الزبير المشاهد كلها مع رسول الله "صلى الله عليه وسلم"
وما تخلف عن غزوة قط
وكان معتماً بعمامة صفراء في غزوة بدر
وقيل أن الملائكة نزلت على سيماه "هيئته"..
وفي غزوة الأحزاب حيث حاصر المشركون المدينة المنورة
وزُلزل المؤمنون زلزالاً شديداً وبلغت القلوب الحناجر
وظنوا بالله الظنون
نادى رسول الله "صلى الله عليه وسلم" في أصحابه:
من يأتيني بخبر القوم؟
فقام الزبير وقال:
أنا يا رسول الله..
فأعاد القول ثلاث مرات
وفي كل مرة يقوم الزبير
ويقول:
أنا
فقال النبي "صلى الله عليه وسلم":
إن لكل نبي حواري وحواريٍّ الزبير بن العوام
وحين حاصر المسلمون حصن قريظة وإمتنع عليهم
قفز إليه مع علي بن أبي طالب
وهو يقول:
والله لنذوقن ما ذاقه حمزة أو ليفتحن لنا...
فيفتح الله لهما ويدخل المسلمون إلى الحصن....
ولم يكن للزبير شاغلاً إلا القتال في سبيل الله والغزو..
وقال عنه النبي "صلى الله عليه وسلم":
" الزبير وطلحة جاراي في الجنة"
ولقد رآه بعض الناس في الحج، وكان محرماً فرأي جسده مجدعاً من ضربات السيوف
ورأى في صدره أمثال العيون الغائرة من ضربات النبل والرماح
فقال له:
والله ما رأيت جسداً قط كجسدك هذا
قال الزبير:
والله ما منها من جراحة إلا وهي مع رسول الله "صلى الله عليه وسلم" وفي سبيل الله..
وفي غزوة اليرموك كاد النصر يكون حليفاً للأعداء
فكبر الزبير وشق صفوف الأعداء بفرسه من أولها لآخرها
ثم عاد وهو يطيح بالرؤوس يمنة ويسرة
فتشجع المسلمون وهجموا هجمة رجل واحد فنصرهم الله...
وتأتي الفتنة الكبرى بعد مقتل عثمان بن عفان
ويبايع الناس علي بن أبي طالب بالخلافة
ويمتنع الزبير عن البيعة حتى يقتص علي من قتلة عثمان
وينضم إلى السيدة عائشة "رضي الله عنها" في موقفها من علي بن أبي طالب
فيرسل له علي يستدعيه لمقابلته
وحين يلقاه يقول له:
يا زبير أتذكر إذ كنت أنا وأنت مع رسول الله "صلى الله عليه وسلم"
فنظر إلي وضحك وضحكت فقلت انت:
لا يدع ابن أبي طالب زهوه..
فقال"عليه الصلاة والسلام"
ليس بمزهٍ ولتقاتلنه وأنت له ظالم.
فتذكر الزبير ذلك فانصرف عن القتال وعاد إلى المدينة
وفي طريقه نزل بوادي السباع وقام يصلي
فإنتهز ابن جرموز الفرصة وطعنه من الخلف فقتله...
وأخذ سيفه ليكون دليلاً له فما كان للزبير أن يتخلى عن سيفه أبداً
وذهب إلى علي بن أبي طالب يبشره بمقتل الزبير
فيأخذ علي السيف ويقبله ويبكي
ويقول:
إن هذا سيفٌ طالما فرج الكُرب عن رسول الله" صلى الله عليه وسلم"
بشروا قاتل ابن صفية بالنار
وينصرف ابن جرموز وهو يقول:
نبشرهم بقتل عدوهم فيبشرونا بالنار..
ويهيم على وجهه ولا يجد ملجأً ولا ملاذاً
وتضيق عليه الأرض بما رحبت فيقتل نفسه
وتصدق المقولة:
"بشروا قاتل ابن صفية بالنار"
ويستشهد الزبير بن العوام في العام الثالث والثلاثين من الهجرة غيلةً وغدراً..
لم يقدر عليه المشركون في كل الغزوات
ولم يقدر عليه الفرس ولا الروم في حروبهم مع المسلمين
وإغتاله من يدعي الإسلام..ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ولقد كان للزبير ألف مملوك يأتونه بالخراج
فلا يدخل منه شيء إلى بيته
بل يوزعه كله في سبيل الله
وأوصى إليه سبعة من أصحاب النبي بأولادهم منهم عثمان بن عفان والمقداد ابن عمرو
فكان ينفق عليهم من ماله ويدخر لهم أموالهم رضي الله عنه وأرضاه..
وصدق رسول الله "صلى الله عليه وسلم" :
" إن لكل نبي حواري وحواريِّ الزبير بن العوام".