توقيت الجماع. (Sex Timing) .
وتعتمد هذه الطريقة على الخصائص الفيزيائية للحيوانات المنوية التي تختلف فيها الحيوانات المنوية الذكرية عن الأنثوية، بحيث وجدت الأبحاث أن الحيوان المنوي الذكري خفيف الوزن , سريع الحركة ولكنه يعيش فترة قصيرة من الزمن , في حين أن الحيوان المنوي الأنثوي ثقيل الوزن بطيء الحركة ويعيش لفترة زمنية أطول . وبناء على ذلك فانه يمكن بتحديد موعد الاباضة لدى السيدة التدخل نسبيا بتهيئة التوقيت المناسب للجماع لتكون النتيجة الجنس المرغوب به . فمثلا إذا حدث الجماع مباشرة بعد حدوث الاباضة فان الكفة ترجح للذكورة والعكس صحيح .
تجدر الإشارة بأن هذه الطريقة لوحدها لا تتمتع بفرص نجاح عالية ولكن إذا كانت مرتبطة بالحمية الغذائية المناسبة فإنها تحسن فعاليتها جدا ، ويجب كذلك حساب موعد الإباضة بدقة لأنه يختلف من امرأة لأخرى وفي نفس المرأة من شهر لآخر.
الوسط الحامضي والقاعدي .
وهذه أمور غدت حديث المجتمع العام إذ أصبح من المتعارف عليه أن الوسط ألحامضي هو أكثر ملائمة للحيوان المنوي الأنثوي والوسط القاعدي يناسب الحيوان المنوي الذكري , واعتقد الناس بأن أنواع الغذاء تلعب دورا بهذا الصدد وذلك بنتائج عمليات الأيض للأغذية المختلفة والتي تعطى أوساطا حمضية أو قاعدية وهذا الأسلوب لم يحقق نتائج مشجعة على عكس الحمية الغذائية التي تغير من مدى استقبالية البويضة للحيوان الذكري أو الأنثوي والمذكورة سابقا , كما ساد الاعتقاد بأن عمل دش مهبلي حامضي أو قاعدي يمكن أن يغير من الوسط وهذه الطريقة غيرت فرص النجاح إلى ما يقارب 5 % وهي نسبة لا يمكن تجاهلها , إلا أنه يجب التنويه بأن هذه المحاليل المستخدمة يجب أن تكون محضرة بدقة ويمكن الحصول عليها من الصيدليات المختلفة لا أن تحضر منزليا كدش بيكربونات الصوديوم المتعارف عليها والتي قد تلعب دورا سلبيا حتى على خصوبة المرأة والقدرة على الإنجاب .
جاءت السنة النبوية بتفسير تكون جنس الجنين، وللعلماء المتقدمين والمعاصرين تفسيرات حولها. والأحاديث أشهرها ما يلي:
1 - حديث ثوبان: "أن يهودياً جاء يسأل النبي صلى الله عليه وسلم قال: جئت أســألك عن الولد؟ قال: ماء الرجل أبيض وماء المرأة أصفر فإذا اجتمعا فعلا مني الرجل مني المرأة أذكرا بإذن الله، وإذا علا مني المرأة مني الرجل آنثا بإذن الله، قال اليهودي: لقد صدقت وإنك لنبي"
2 - حديث أم سليم ولفظه: "أن ماء الرجل غليظ أبيض وماء المرأة رقيق أصفر فمن علا أو سبق يكون منه الشبه"
3 - حديث عبد الله بن سلام ولفظه: "وأما الشبه في الولد فإن الرجل إذا غشي المرأة فسبقها ماؤه كان الشبه به، وإذا سبق ماؤها كان الشبه لها"
4 - حديث عائشة بلفظ: "وهل يكون الشبه إلا من قِبَلِ ذلك، إذا علا ماؤها ماء الرجل أشبه الولد أخواله، وإذا علا ماء الرجل ماءها أشبه أعمامه
فهذه الأحاديث تبين سبب الشبه لأحد الأبوين وسبب الإذكار والإيناث صادرة من مشكاة النبوة. ولكن يحتاج إلى فهم دلالتها اللغوية ثم بيان التفسيرات لها وهي تدور حول لفظين: (العلو - السبق) وهذا أصل معناها في اللغة .
قال ابن فارس: "علو: العين واللام والحرف المعتل ياء كان أو واواً أو ألفاً أصل واحد يدل على السمو والارتفاع لا يشذ عنه شيء".
أما السبق فقال: "سبق: السين والباء والقاف أصل واحد صحيح يدل على التقدم
ولنسوق توجهيات المتقدمين للأحاديث:
أولاً: ذهب ابن القيم في تفسير السبق والعلو إلى إن سبق أحد المائيين سبب لشبه السابق ماؤه، وعلو أحدهما سبب لمجانسة الولد العالي ماؤه.
فهنا أمران: سبق وعلو، وقد يتفقان وقد يفترقان، فإذا سبق ماء الرجل ماء المرأة وعلاه، كان الولد ذكراً أشبه بالرجل، وإن سبق ماء المرأة وعلا ماء الرجل كانت أنثى والشبه للأم، وإن سبق أحدهما وعلا الآخر كان الشـبه للسابق ماؤه والإذكار والإيناث لمن علا ماؤه.
ثانياً: وحكى النووي أن العلو والسبق بمعنى واحد فتكون اللفظتان معناهما واحد، وقيل: أن المراد بالعلو الكثرة والقوة، أي بحسب كثرة الشهوة فإن كانت للرجل أذكر بإذن الله وإن كانت المرأة أكثر شهوة آنث بإذن الله
ثالثاً: ذهب ابن حجر إلى تأويل العلو الوارد في حديث عائشة بالسبق لأن كل من سبق علا شأنه فهو علو معنوي وهو يؤثر بالشبه بالأخوال والأعمام، أما حديث ثوبان تأثير العلو فيه بالتذكير والتأنيث قال ابن حجر: "والذي يظهر ما قدمته وهو تأويل العلو في حديث عائشة، وأما حديث ثوبان فيبقى العلو فيه على ظاهره فيكون السبق علامة التذكير والتأنيث، والعلو علامة الشبه فيرتفع الإشكال، وكأن المراد بالعلو الذي يكون سبب الشبه بحسب الكثرة بحيث يصير الآخر مغموراً فيه، فبذلك يحصل الشبه، وهذه اجتهادات من علماء السلف تحتاج إلى مزيد من الدراسة والبحث وعرضها على نتائج البحوث المعاصرة حيث تهيأ في هذا الزمان من الوسائل والأجهزة ما لم يكن في الماضـي، ويكفي أنهم وضعوا لبنات في توجيه الأحاديث وأصاب عدد منهم كبد الحقيقة.
أما المعاصرون فقد فسروا الحديث بعدة تفسيرات، ومن أبرزها:
الأول: إذا علا مني الرجل مني المرأة: أي جاء فوقه. وبالطبع لا يأتي شيء فوق شيء إلا إذا كان هذا الشيء موجوداً قبل، وهذا يعني أن المرأة تصل إلى ذروتها فيأتي سـائله المنوي بعد إفـرازات المرأة ويأتي فوقه، وفي هذه الحالة يأتي المولود ذكراً بإذن الله.
وأما إذا علا مني المرأة مني الرجل أي إذا وصلت المرأة ذروتها وقذفت بالسوائل في المهبل بعد أن يقذف الرجل سائله المنوي في مهبلها وتأتي إفرازاتها على سائل الرجل المنوي فإن المولود يكون أنثى حيث يصل الرجل أولاً ثم المرأة ووصول المرأة لذروتها بعد الرجل يساعد على إنجاب البنات.
فهذا التفسير يقوم على الوصول للشهوة وإنزال الماء قبل الآخر، وأنه سبب لتحديد جنس الجنين.
لكن هناك من الأطباء يقول: "إن جنس الجنين يتوقف على أي من الزوجين ينزل أولا، فإذا ما أنزل الرجل أولاً كان المولود ذكراً بإذن الله تعالى، وإذا ما أنزلت المرأة أولا كان المولود أنثى بإذن الله تعالى، وقد أرجعوا هذا إلى أن التفاعل الكيميائي لماء المرأة يختلف عن تفاعل ماء الرجل وأن النطف المذكرة يختلف تفاعلها عن النطف المؤنثـة، فإذا اختـلف التفاعل داخل المهبل نتيجة مَنْ مِن الزوجين ينزل أولاً اختلف نشـاط النطف فسـبق الذكران أو سـبق الإناث، والله تعالى أعلم.
رأي الفقهاء في اختيار جنس الجنين
وحول موضوع اختيار جنس الجنين فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي قد نظر في موضوع: (اختيار جنس الجنين)، وبعد الاستماع للبحوث المقدمة، وعرض أهل الاختصاص، والمناقشات المستفيضة فإن المجمع يؤكد على أن الأصل في المسلم التسليم بقضاء الله وقدره، والرضا بما يرزقه الله من ولد ذكراً كان أو أنثى، ويحمد الله تعالى على ذلك، فالخيرة فيما يختاره الباري جل وعلا، ولقد جاء في القرآن الكريم ذم فعل أهل الجاهلية لعدم التسليم والرضا بالمولود إذا كان أنثى قال تعالى : (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بالانثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ)، ولا بأس أن يرغب المرء في الولد ذكراً كان أو أنثى، بدليل أن القرآن الكريم أشار إلى دعاء بعض الأنبياء بأن يرزقهم الولد الذكر وعلى ضوء ذلك قرر المجمع ما يلي:
أولاً: يجوز اختيار جنس الجنين بالطرق الطبيعية؛ كالنظام الغذائي، والغسول الكيميائي، وتوقيت الجماع بتحري وقت الإباضة؛ لكونها أسباباً مباحة لا محذور فيها.
ثانياً: لا يجوز أي تدخل طبي لاختيار جنس الجنين، إلا في حال الضرورة العلاجية في الأمراض الوراثية، التي تصيب الذكور دون الإناث، أو بالعكس، فيجوز حينئذٍ التدخل، بالضوابط الشرعية المقررة، على أن يكون ذلك بقرار من لجنة طبية مختصة، لا يقل عدد أعضائها عن ثلاثة من الأطباء العدول، تقدم تقريراً طبياً بالإجماع يؤكد أن حالة المريضة تستدعي أن يكون هناك تدخل طبي حتى لا يصاب بالمرض الوراثي ومن ثم يعرض هذا التقرير على جهة الإفتاء المختصة لإصدار ما تراه في ذلك.
ثالثاً: ضرورة إيجاد جهات للرقابة المباشرة والدقيقة على المستشفيات والمراكز الطبية؛ التي تمارس مثل هذه العمليات في الدول الإسلامية، لتمنع أي مخالفة لمضمون هذا القرار. وعلى الجهات المختصة في الدول الإسلامية إصدار الأنظمة والتعليمات في ذلك.
ويقول الدكتور رأفت عثمان : ولا يعد كما يرى البعض تدخلا في إرادة الله تعالي؛ لأنه لا يجوز إطلاقًا تصور أنه بإمكان مخلوق التدخل في إرادة الخالق سبحانه وتعالى، فكل ما يقع في الكون هو بعلم الله وإرادته، والتعليل بأن الله تعالى هو الذي يهب إناثًا وهو الذي يهب الذكور ويجعل بعض الناس لا ينجبون لا يصلح أن يكون تعليلاً سليمًا لمنع التحكم في نوع الجنين، فالمنع من الإنجاب بإرادة الله تعالى، ولكنه لا يؤدي إلى تحريم اتخاذ الوسائل للإنجاب.
ويناظر ذلك قوله تعالى: قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( 26آل عمران )
وهذه الآية بينت أن العز والملك بيد الله، ومع ذلك هل يمكن أن يدّعي إنسان أنه لا يجوز تعاطي الأسباب المؤدية للعز والملك؟؟ وهذه الآية مثل الآية الأخرى التي تبين أن الله هو الواهب للإناث والواهب للذكور والمانع من الإنجاب.
ولذلك لا ينبغي القول بمنع الإنسان من اتخاذ الوسائل للحصول على الأولاد ذكوراً أو إناثًا، ولا تضاد بين إرادة الله تعالى ووسائل تحديد جنس المولود؛ فالله سبحانه هو الذي سخّر هذه الأسباب للإنسان، والفعل في كل حال هو لله سبحانه وتعالى وطبقاً لمشيئته وإرادته.
* باحث وكاتب في القضايا العربية والإسلامية المعاصرة والبيئة والتربية
http://aafaq.genistra.com/2007/12/post_508.html